من أنا

صورتي
عمّان, Jordan
الحب ينمو عندما تمرره .. بحاجة لحب اكبر؟ .. إبدأ بتمرير الحب للأخرين كل شيء يبدو أجمل ، لو أعطيناهُ حقّه من غمسةِ الرضا ... كل ممرٍّ ضيّق في نهايته متسّع .. كل عسرٍ ينتهي بيسر.. وكلّنا لله دائماً ، وأبداً

الاثنين، 22 أكتوبر 2012

موعد مع مدينة الملاهي ..




بعيداً وعبر نافذة الحافلة وحيث بدأ النّعاس يأخذ مساحة واسعة داخلي بانتظار الوصول إلى محطّتي المفضّلة "البيت"  بعد يوم كامل وطويل في العمل ، "بجانب الباب" هو المقعد المفضّل لدي ، ربما لأنه يوحي لي بأنني وفّرت عدّة خطوات عند نزولي في محطّتي المفضّلة وأكون بذلك قد قرّبت المسافة ..
عبثاً أحاول التغلّب على النّعاس خاصة بعد ليلة كئيبة ومعاناة وصراعات مضنية اعتدتها مع الأرق كلّما أحسست بضيق . كنت قد قاربت على  الانفصال عن العالم الواقعي بأفكاري وأحلامي إلا أن صوتاً رفيعاً صغيراً أعادني إلى الواقع . إنها طفلة صغيرة عَلا صوتها عندما مررنا بالحافلة بجانب مدينة الملاهي ، تلك المدينة المضيئة بكل الألوان ..
ملاااهي ... ألعاااب ... بابا وصلنا ...
بهذه العبارات الفرحة نظرت الصغيرة إلى والديها وعلا صوتها وكأن الفرح قد دقّ باب قلبها الصّغير ، وبدت نبرة الفرح في صوتها الرّفيع ، إلا أن تلك النبرة بدأت تتغير شيئاً فشيئاً لتصبح بالنهاية بكاء مر ، فالحافلة قد سارت بعيداً وأصبحت مدينة الملاهي تصغر خلفنا شيئاً فشيئاً .
الطفلة تكرر .. بابا وصلنا .. باب ننزل ؟؟ ... بابا الملاهي راحت ...
والدها حاول عبثاً اخفاء صوتها العالي المختنق المعجون بالحزن قائلاً لها : مش اليوم يا بابا ، بالعيد بنيجي ... نامي واصحي خمس مرات وييجي العيد ..
لكن يبدو أنّ هذا العدد لا يوائم مزاج الطفلة ، فلمذا عليها أ تنتظر العيد ؟! ولمذا أخرج والدها محفظته يتفقدها عندما بدأت بالصراخ ؟! ولمذا أمّها حضنتها وعينيها قد بدأت تدمع ؟! ولمذا خيّرها والدها بين شراء حذاء شتوي جديد وبين الملاهي ؟؟!  
نفس الأسئلة أود طرحها لكن لا أدري لمن ، ولازلت إلى الآن أتساءل : هل ستذهب تلك الطفلة في العيد إلى مدينة الملاهي ؟؟!!

هكذا نخبرهم عن أمنياتنا ...~


- جميلة هي امنياتك لهذا العيد !!!

- بل هي جدار عازل لما تحتها ..

- وهل نحن بحاجة لأن نُخبّيء الأماني ؟!! وممن ؟!!

- هناك يا صديقة من يسرق الأماني ،،، من يجعلها تبدو بعيدة ،، من يشوّه براءتها وصدقها ،،،

- وهل الأماني تُسرق ويُعبَثُ فيها  !!!!!!؟ جميع الأماني هي بريئة ...

- ليس الأمر يا صديقة أننا لا نقدر على الحفاظ عليها ... لكن هو ذلٌّ عندما ترتبط أمانينا بأحدهم حتى لو كان قلبه بنظرنا أقرب إلى الجنّة ... وحتى لو بدت تفاصيل أمنياتنا بقربهم تجعلنا نعتقد أننا لن نقدر على العيش بدونهم ... أقلّه العيش كما كنّا ..

- هم إذاً مقرّبين  ؟؟؟!!!! 

- هم علّمونا أنّ القلب الذي لا ينبض إلا ليعيش لا يستحق الحياة أصلاً ... وأنّ لحظة صدق وعنفوان تُغنينا عن أمور كثيرة تعلّقنا بها رغم كذبها .. وأنّ للحب أوجه كثيرة وأنّ كلمة "حب" لها أكثر من لغة وأكثر من طريقة وأنها أرقى وأفخم مما تعلمناه في الأشعار النزاريّة وأنّ ما ينقصها فقط هو أرواح صادقة طاهرة طيِّعة لتتمِّمَ معناها لتجعلنا قادرين على أن نغلّف قلوبنا ونهديها لهم دون أن نخاف عليها من التّلف أو الضّياع أو الهجران ...

- ولم لا نتمنى ما نريد في حضرتهم ؟!!!! أوَليسوا خيِّرين ؟؟!!!

- لأنه ( ذل ) أن نقع وأرواحنا تحت وطأة حلم وأمنيات وأن نقف على حافة الترقُّب لما ما لا نعلم .. كمن يُعانق فرِحاً الفراغ ،  إنَّ أشباه أمنيات نختبئ خلفها كمحاولة يائسة لأن نريهم أن هذا ما ينقصنا ، بينما يكمن الوجع في مساحات أمنيات مختلفة تماماً هي أكثر أماناً يا صديقة .