وكأنها في هذه اللّحظة تشعر بأنّها مصابة بما يشبه الشّلل ...
جرِّب وأنت في منتهى الألم أن تكتب حديثاً ليّناً غضّاً ... جرّب أن تجعل من كلماتك برداً وسلاماً على روحك ..
هي لمّا حاولت كتابة الحديث بشكل ليّن ، كان لزاماً عليها أن تستحضر تلك النظرة الطويلة في عينيه والتي تذكِّرُها في كلّ مرة أنّ اختزال الهواء في رئتيها أصعب مما كانت تتوقّع ، وأنّه حين ينتفض قلبها مائة وعشرون حنيناً في الدّقيقة ، تصبح الأيام حين تعبر ذلك القلب أشدّ غربة ..
تبدو الكتابة إليه أشدّ إيلاماً مما كانت تتخيّل ، وكانت في كل مرّة تستحضر فيها وجهه الباسم ، تنتزع قطعاً من روحها وترسلها مغلّفة إليه بشكل لم تستطع رغم محاولاتها المُضنية أن تجعلها تليق به يوماً ..
كيف يمكنها أن تنهل من عينيه الطفوليّة أحاديث تكفيها لأعوام قادمة تستشعرها كلّما انتفض قلبها من الألم ؟؟!! كيف يمكن لمن بعثر عمرها في ساعة وأوصلها إلى حدّ الهشاشة المُطلقة أن يدلّل جرحها وهو يسكب عليه من ماء عينيه ؟؟!!
هي تنظر إلى السّماء وتدرك أنّ الله وحده القادر على نفخ الأشياء الجميلة في روحه من جديد ، وهو القادر على أن يبثّ فيه ربيعاً آخر ..
ذلك الجسد الصّغير لمّا تداعى من الألم بات يبكي خوفاً وطمعا ، مما جعل الحزن يتفجّر في قلبها أنهارا ، وأنّ ذلك الماء المنسكب من عينيه والذي لم يعد يسمّى ماءاً ، يغرس في قلبها أشياء حادّة تجعل كل ابتسامة لها يعبرها حزنٌ مالح ..
ذلك الصغير يختبئ عن الدنيا في قيلولة لا تنتهي بعد أن أدرك ألا جدوى من الحديث ، وأنه لو كان كذلك لتوقفت أمه عن البكاء المر ورسمت ابتسامة على وجهها ، أقّله ابتسامة زائفة ..
هو يخبر العالم عن الأشياء الجميلة التي يتسللها الوجع ، وأنّ الأشياء السيئة لها بداخلنا وطن .. هو الآن يميّز جيّداً الخوف والألم .
تلك الصبيّة أرسلت دعوات إلى الله أن ينزع الألم من قلبه ويغرسه في قلبها .. أن ينزع الحياة منها ويزرعها في في روحه .. أن تحدث رحمة إلهية تجعله بخير ..
تلك الصبيّة لمّا انحت للألم تركوها .. وكأنها لم تكن يوماً بجوارهم ذلك لأنهم لا يحبون الحزن ولا الحزانى ...
تلك الصبيّة وجدت روحاً تحرّضها للحياة بعيداً عنهم ..تلك الرّوح وصلت لوطن الحزن العميق في قلبها وفجّرت منه حياة أخرى صغيرة .
أحبّك جداً
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق