من أنا

صورتي
عمّان, Jordan
الحب ينمو عندما تمرره .. بحاجة لحب اكبر؟ .. إبدأ بتمرير الحب للأخرين كل شيء يبدو أجمل ، لو أعطيناهُ حقّه من غمسةِ الرضا ... كل ممرٍّ ضيّق في نهايته متسّع .. كل عسرٍ ينتهي بيسر.. وكلّنا لله دائماً ، وأبداً

الثلاثاء، 28 أغسطس 2012

ذاكرة حلم مؤقّت



أخبروها أنّه من الجنون أن ترفع سقف أحلامها عالياً ، حتى يكون الهبوط منها أقل حرقة وأقلّ غصّة ...
أخبروها بأن عليها أن تتعلم كيف تشفي جراحها أو أن تعتاد على التعايش معها ..
كانت أحزانها كثيرة ، حتى باتت لا تميّز حزناً عن غيره ، إلّا أنّ ثمة حزناً فوق الكتابة ، لا يمكن الكتابة عنه أو حتى البوح به لصديق ...

تلك الصغير قرّرت أن تشكّل حلمها كمان تشاء ، بطريقة تناسب الجرح فيها ، بحيث لا يعود الحزن حزناً بأن تخفي ملامحه ، وأن تجعل الأشياء التي أصبحت شديدة الرّتابة .. بشكل آخر مختلف ، بشكل تستطيع من خلاله أن تضع الحزن جانباً وتقصيه لأبعد حد .

خطّطت لطقوس أكثر حميمية وربّما أكثر جنوناً ، وقتها فقط أصبحت غرفتها البيضاء أكثر دفئاً من السّابق ، إذ أنّها حضّرت للكثير من الأصوات المحبّبة .
 فباتت تسمع صوت جدول الماء من خلال أنبوب المغذّي الموصول بيدها ، وأصبحت تشعر بأنها تتنفّس الصعداء  بهواء مليء برائحة الياسمين من خلال كمامة الأكسجين الموضوعة على وجهها الصغير .
أصبحت المقاعد الفارغة من حولها تضج بالأصدقاء ، وها هي تتعالى ضحكاتهم وها هي تضحك معهم ، وتنشد أنشودة الحياة معهم على أنغام صوت جهاز مراقبة دقّات القلب الموضوع على يسارها .

وسط تلك الفرحة العارمة باغتها أُناس غريبون برداء أبيض ..... 
- أيضاً أبيض ؟!!! ألا يوجد في هذه الغرفة ألوان كغرفتي الصغيرة في المنزل ؟؟!!! ألا يوجد هنا غير الأبيض ؟؟!!

هكذا تساءلت تلك الصغيرة ، لكن السّاحرة الصغيرة في رأسها سمعتها ، وكعادة متأصّلة في السّحرة ، ها هي بدأت تعبث باللون الأبيض ، حتى بات كل واحد من هؤلاء الأغراب كالمهرج ، جميعهم مهرجون جاءوا ليجعلوها تضحك .

اختلفت الألوان وتعالت أصوات الضحكات والموسيقى وها قد باتت صغيرتنا تحظى بالدفء الذي كانت تتمناه .... هي لم تعد ترتجف من الوحدة ، هي لم يخذلها الضجيج المُحبّب وهزم السّكون في داخلها واستعمر الغرفة ، وها هو قلبها الصغير ينتفض كثيراً حتى بات يرتكب الفرح ، وتغيّر شكل الحزن فيها .

مجرّد محاولة التآلف مع حزنك ومهاودته بأشباه فرح أمر مُرهق لا يدركه سوى أصحاب الجروح العميقة التي تحتاج زمناً للشفاء أكثر من الزّمن الذي تكوّنت فيه .

مُضلّلٌ ذلك الألم الذي لا تجد له متنفساً ولو بشق حلم ....
أن تقدر على أن تدسّ في قلبك أشباه فرح ، معنى ذلك أنّك لا زلت ترغب في الحياة ... 

تلك الصغيرة لمّا أفاقت من غيبوبة الحلم وجدت جميع ما حولها عاد ليصبح أبيضاً ، إلّا أنه ليس ذلك اللّون الذي يحمل الصفاء كما كانت تعتقد قبل أن تصبح سجينة تلك الغرفة ، بل إنه ذلك اللّون المقيت الغير مُحبّب .

قررّت صغيرتنا أن تغلق عينيها وتُعاود الحلم إلى أن يصبح حقيقة وتتحرّر من تلك الغرفة البيضاء .

الثلاثاء، 7 أغسطس 2012

كانت عمياء في غيبوبة العطاء


" هي تعلّمت أن ثمّة أشخاص يسحبونها إلى الدرك الأسفل من الشعور وأن في كل انقباضة من انقباضات قلبها الصغير ثمّة شيء من التعب المُبتذل"


إنها تلك التفاصيل النورانيّة التي تشكل عمرنا الذي يمضي وسط زخم كثير من الوجوه الغريبة ، منها ما يُسبب الخوف المقيت ، ومنها ما أفقدنا لذّة النظر إليها حين غادر .

هي لم تختر الظلام بمحض إرادتها ، هم أوهموها بأنها تراهم جيداً وبوضوح وأخبروها بكل تفاصيلهم الموجعة حتى باتت سكناً لهم ، وحتى باتت تُدرك الجزء الأكبرمن انسانيتهم المُتألمة ، وكانت في كل مرة يأتون إليها متألمين ، كانت تجبِر روحها أن تكون قادرة على الانقسام وخلق مساحة جديدة في داخلها لهم لتكون برداً وسلاماً على أوجاعهم . ذلك لأنها كانت تُهاود قلوبهم المتعبة بكومة من المشاعر الصادقة وبعطف وتعاطُف لا نهاية له .

هي لم تكن سوى فاقدة للبصر ليس أكثر ، هي لم تكن سوى أكثر طيبة منهم ليس أكثر ، هي غابت عنها حقيقة مؤكّدة عن الحياة وهي أنّ  الذين نُفرِط في محبتهم ونحن مغمضي الأعين ، هم أكثر من يجعلنا نتهواى .

لم تكن تدرك أنها ليست إلا ملجأ لهم يهربون إليه في حال اشتدّت معاركهم ، ولم تكن تدرك بأن وجودها في حياتهم لم يكن سوى ضباب سيزول ما إن تشرق شمسهم من جديد ، وأنّ جميع الانحناءات المُحبّبة التي رسمتها على أرواحهم ووجوههم ليس لها فيها نصيب .

ولّدوا لديها غصّة كبيرة داخل روحها تعجز عن ابتلاعها وذاكرة ضبابية هشّة فقدت رؤيتهم فيها بالشكل اللائق الذي كانوا عليه .
هي تبتسم ابتسامة عريضة بينهم ، ربما لأنها لا تزال تملك في قلبها الصغير شيئاً ثميناً لا يدركونه ، بعيداً عن أياديهم  العابثة ، حتى أنهم لا يستطيعون سماع صوته حين يبدأ العزف على أوتار حياتها البائسة .

تلك الصبيّة لمّا أفاقت من غيبوبة العطاء اللّامتناهي وجدت نفسها عمياء تعجز عن رؤيتهم .
تلك الصبيّة أخفت ملامح الدهشة التي ارتسمت على وجهها وقررت أن تعود لإغماض عينيها عن ملامحهم المخيفة وأن تستكمل العطاء ، لكن هذه المرة بإرادتها .